Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 أكتوبر 2023

ج2 اعراب القران للزجاج


ج2 اعراب القران للزجاج

 
وإذا المكانية وغير ذلك.
الباب السابع والسبعون ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف.
الباب الثامن والسبعون ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم.
الباب التاسع والسبعون ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره.
الباب الثمانون ما جاء في التنزيل وعبر عن العقلاء بلفظ العقلاء.
الباب الحادي والثمانون ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه، وربما يشكل على البزّل الحذّاق فيغفلون عنه.
الباب الثاني والثمانون ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة «ما» من أي قسمة هي؟
الباب الثالث والثمانون ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم.
الباب الرابع والثمانون نوع آخر من إضمار الذكر.
الباب الخامس والثمانون ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزمه.
الباب السادس والثمانون ما جاء في التنزيل وقد رفض فيه الأصل واستعمل ما هو فرع.
الباب السابع والثمانون ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه في كتابه.
الباب الثامن والثمانون وهذا نوع آخر من القراءات.
الباب التاسع والثمانون ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب القسم.
الباب التسعون ما جاء في التنزيل من الأفعال المفرغة لما بعد إلا.
فهذه تسعون بابا أخرجتها من التنزيل بعد فكر وتأمّل وطول الإقامة على درسه، ليتحقّق للناظر فيه قول القائل: «1»
أحبب النّحو من العلم فقد ... يدرك المرء به أعلى الشّرف
__________
(1) نسبت هذه الأبيات لجامع العلوم علي بن الحسين (إثبات الرواة: 2: 249، بنية الوعاة: 2: 160 ومعجم الأدباء: 13: 116) .

(1/9)


إنما النّحويّ في مجلسه ... كشهاب ثاقب بين السّدف
يخرج القرآن من فيه كما ... تخرج الدّرة من بين الصّدف
وأنشد أبو الحسن الكسائي: «1»
إنما النحو قياس يتّبع ... وبه في كل أمر ينتفع
فإذا ما أبصر النحو الفتى ... مرّ في المنطق مرّا فاتسع
واتّقاه كلّ من جالسه ... من جليس ناطق أو مستمع
وإذا لم يبصر النحو الفتى ... هاب أن ينطق جبنا «2» فانقمع
فتراه ينصب الجرّ وما ... كان من نصب ومن جرّ «3» رفع
يقرأ القرآن لا يعرف ما ... صرّف الإعراب فيه وصنع
وإذا يبصره «4» يقرؤه ... وإذا ما شكّ في حرف رجع
ناظرا فيه وفي إعرابه ... فإذا ما عرف الحقّ «5» صدع
سبح اسم ربّك الأعلى
__________
(1) هو أبو الحسن علي بن الكسائي إمام في اللغة والنحو والقراءة، من أهل الكوفة وكانت وفاته سنة تسع وثمانين ومائة (189 هـ) (إنباه الرواة: 2: 256) .
(2) في إنباه الرواة (2: 267) : «فانقطع» .
(3) رواية البيت في إنباه الرواة:
فتراه ينصب الرفع وما ... كان من نصب ومن خفض رفع
(4) في إنباه الرواة: «يعرفه» .
(5) في إنباه الرواة: «اللحن» .

(1/10)


الباب الأول
هذا باب ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل ولا شك أنك قد عرفت الجمل، ألا ترى أنهم زعموا أن الجمل اثنتان «1» :
فعليه وأسمية، وقد ورد القبيلان في التنزيل.
وذكر إضمار الجمل سيبويه في مواضع: من ذلك قوله:
«العباد مجزيون بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر» «2» أي إن عملوا خيراً فالمجزى به خير.
ومثله:
«هذا ولا زعماتك» «3» ، أي: ولا أتوهم. أو: «فرقاً خير من حب» «4» ، أي: أفرق «5» .
__________
(1) في الأصل: «اثنان» .
(2) هو من شواهد النحو، ويروى «الناس مجزيون بأعمالهم» إلخ.
(3) هذا مثل، يقال لمن يزعم زعمات ويصح غيرها. أي هذا هو الحق ولا أتوهم زعماتك وما زعمت.
ومنه قول ذي الرمة:
لقد خط رومى ولا زعماته ... لعتبة خطا لم تطبق مفاصله
وانظر الكتاب لسيبويه (1: 141) وشرح المفصل لابن يعيش (1: 27) .
(4) قيل: أول من تكلم بذلك رجل عند الحجاج، وكان صنع عملا فاستجاده الحجاج، وقال: كل هذا حبا؟ فقال الرجل مجيبا: «أو فرقا خيرا من حب!» أي فعلت هذا لأني أفرقك فرقا خيرا من حب.
(5) في الأصل: «الفرق» وهو تحريف. والتصويب من شرح المفصل لابن يعيش (1: 113) والكتاب لسيبويه (1: 136) .

(1/11)


قال «1» : وحدثنا أبو الخطاب «2» أنه سمع بعض العرب، وقيل له:
لم أفسدتم مكانكم هذا؟ قال: الصبيان يا أبي. فنصب، كأنه حذر أن يلام فقال: لم الصبيان «3» .
ومن ذلك قوله عز وجل: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) «4» .
قال: التقدير: أبدأ باسم الله. أو: بدأت باسم الله، أو: ابدأ باسم الله.
وأضمر قوم فيها اسماً مفرداً على تقدير: اٌبتدائى باسم الله: فيكون الظرف خبراً للمبتدأ.
وفيه [....] «5» :
فإذا قدرت «أبدأ» أو «اٌبدأ» «6» يكون «باٌسم الله» . في موضع النصب مفعولاً به «7» .
وإذا قدرت: اٌبتدائى باٌسم الله، يكون التقدير: ابتدائى كائن باٌسم الله، ويكون في «باسم الله» ضمير انتقل إليه من الفاعل «8» المحذوف، الذي هو الخبر حقيقة.
ومنه قوله [تعالى] : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) «9» أي: واذكر إذ قال ربك.
وإن شئت قدرت: وابتداء خلقكم إذ قال ربك.
__________
(1) القائل: سيبويه.
(2) أبو الخطاب: هو الأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد. كانت وفاته سنة 177 هـ- 793 م.
بغية الوعاة (ص 296) .
(3) الكتاب لسيبويه (1: 128) وشرح المفصل لابن يعيش (1: 126) . [.....]
(4) فاتحة الكتاب: 1.
(5) ما بين المربعين بياض بالأصل.
(6، 7) فاتنة الصورة الثانية: «بدأت» .
(8) يريد ما كان على وزن «فاعل» .
(9) البقرة: 30.

(1/12)


وكذلك قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) «1» أي: واذكر إذ قلنا للملائكة.
وجميع «إذ» في التنزيل أكثره/ على هذا.
ومن حذف الجملة قوله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) «2» أي: فضرب فانفجرت.
نظيره فى «الأعراف» و «الشعراء» : فضرب (فَانْبَجَسَتْ) «3» فضرب (فَانْفَلَقَ) «4» .
ومن ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) . «5» أي: فمن اضطر فأكل، وهو في صلة «من» و «غير» حال من قوله (اضْطُرَّ) ، أو من الضمير في «أكل» . وفيه كلام يأتيك في حذف المفعول.
ومثله: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ) . «6» أي:
فأفطر فعدة من أيام، موضعين جميعاً «7» .
ومثله: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) . «8» أي: فيفطرون ففدية.
ومثله: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ) «9» أي: حلق ففدية.
فهذه أفعال حذفت من الصّلة.
__________
(1) البقرة: 34.
(2) البقرة: 60.
(3) الأعراف: 160.
(4) الشعراء: 63.
(5) الأنعام: 145.
(6) البقرة: 184.
(7) يريد هذه الآية الكريمة والتي بعدها: وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
(8) البقرة: 184.
(9) البقرة: 196. [.....]

(1/13)


ومثله: (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) «1» أي: تتبع ملة إبراهيم حنيفاً.
والكسائي يقول: نكون أهل ملة إبراهيم حنيفاً.
ومثله: (صِبْغَةَ اللَّهِ) «2» أي: الزموا صبغة الله.
فأما قوله [تعالى] : (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا) » .
فالتقدير: إذا حلفتم وحنثتم. فحذف «حنثتم» [و] لا بد من إضماره لأن الكفارة بالحنث تجب لا بذكر اسم الله.
وهذه من طرائف العربية لأن «حنثتم» معطوف على «حلفتم» و «حلفتم» مجرور بالإضافة، فكأنه قال: وقت حلفكم وحنثكم، والمتعارف حذف المضاف دون المضاف إليه.
وقد جاء ذلك أيضاً في التنزيل، وله باب في هذا الكتاب.
ومن ذلك إضمار «القول» في قوله [تعالى] : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا) «4» في الموضعين في سورة البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا) «5» . أي قلنا لهم:
خذوا.
ومثله: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا) «6» أي:
يقولان: ربنا.
__________
(1) البقرة: 135.
(2) البقرة: 138.
(3) المائدة: 89.
(4) البقرة: 63 و 93.
(5) الأعراف: 171.
(6) البقرة: 127.

(1/14)


ومن ذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا) «1» . أي: يقولون: ربنا. عن الأخفش لأنه يبتدئ بقوله: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً) «2» ويسند إليه «يقولون» المضمر.
مثله: (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ) «3» أي فقلنا له: خذها بقوة.
ومنه قوله تعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) «4» أي: يقولون: سلام عليكم.
/ ومنه قوله تعالى في قول الخليل: (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ) «5» .
قال: التقدير: من يقال لهم: أيهم فحذف «القول» ، كقولهم:
وكانت عقيل خامري أم عامر «6» فيحمله على الحكاية دون «لَنَنْزِعَنَّ» ، [على] تعليق العلم عند الكوفيين. [و] يجوز أن يكون تقديره: لننزعن كل شيعة.
__________
(1- 2) آل عمران: 191.
(3) الأعراف: 145.
(4) الرعد: 23.
(5) مريم: 69.
(6) خامرى: استترى. وأم عامر: الضبع. وهذا القول استحماق لها، فهي- كما زعموا- من أحمق الدواب، وإذا أرادوا صيدها رموا في حجرها بحجر فتحسبه شيئا تصيده فتخرج، فتصاد عند ذلك، والبيت للأخطل والرواية فيه:
على حين أن كانت عقيل وشائظا ... وكانت كلاب خامرى أم عامر
(الكتاب 1: 259) .

(1/15)


وكذلك يجوز عندهم: لننزعنهم متشايعين ننظر أيهم أشد «1» .
وسيبويه يجعله مبنياً على الضم.
ومن إضمار القول قوله تعالى: (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ) . «2»
أي يقال لهم: هذا فوج مقتحم معكم.
ومنه قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ) «3» يقولون: ما نعبدهم «فيقولون» خبر المبتدأ.
ومنهم من جعل «يقولون» في موضع الحال، وجعل الخبر قوله:
(إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) «4» .
ومنه قوله تعالى: (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ) «5» أي: «يقولون» :
(إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) إذ الآيتان داخلتان في «القول» فلا وقف على قوله:
(وَلا شُكُوراً) «6» .
ومنه قوله تعالى: (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) «7» .
__________
(1) في الكلام اضطراب مرده إلى نقص. ومجمل ما في الآية من أقوال: رفع «أيهم» على الحكاية. والمعنى ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال لهم أشد.
قال ابن النحاس: ورأيت أبا إسحاق الزجاج يختار هذا القول ويستحسنه.
(2) ص: 58، 59.
(3- 4) الزمر: 3. [.....]
(5) الإنسان: 9.
(6) في الأصل بعد قوله «ولا شكورا» جاءت العبارة: «يا رازي مالك وكتاب الله!» . وظاهر أن هذه العبارة: من زيادات قارئ في الحاشية، فالتبست على الناسخ فزادها في المتن. فالرازي متأخر الوفاة عن الزجاج. هذا إلى أن الرازي عند تفسير هذه الآية- التفسير الكبير ج 8: ص 295- لم يعرض لشيء من هذا.
(7) سبأ: 15.

(1/16)


ومن إضمار «القول» قوله [تعالى] : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) «1» ، أي: قل للإنسان الطاغي: واقترب تر العجب.
ومثله: (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) «2» ، تقديره: قل لهم: قد جاءكم، فأضمر «قل» . يدل عليه قوله [تعالى] : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) «3» .
ومن إضمار الجملة قوله تعالى: (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ، قالَ: أَلَمْ نُرَبِّكَ) «4» أي: فأتياه وقالا له:
أرسل معنا بني إسرائيل. [فقال ألم نربك] «5» .
ومن ذلك قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) «6» في قراءة ابن عامر «7» مرتبا للمفعول «8» ، كأنه قيل: من يسبّح؟ فقال:
يسبّحه رجال.
__________
(1) العلق: 19.
(2) الأنعام: 104.
(3) هود: 86.
(4) الشعراء: 18.
(5) في الأصل: «فقال فمن ربكما» وما بين القوسين المربعين زيادة يستقيم بها الكلام.
(6) النور: 36، 37.
(7) هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة اليحصبي، أبو عمران المقرئ الدمشقي. كانت وفاته سنة 118 هـ (تهذيب التهذيب 5: 274) .
(8) «يسبح» بكسر الباء المشددة والياء، قراءة الجمهور، والفاعل «رجال» ، وبفتح الباء المشددة، قراءة ابن عامر وغيره و «رجال» فاعل بفعل محذوف. وقرأ ابن وثاب وأبو حيوة «تسبح» بكسر الباء المشددة. وقرأ أبو جعفر «تسبح» بفتح الباء المشددة. ووجهها أن تسند إلى أوقات الغدو والآصال، على زيادة الباء، وتجعل الأوقات مسبحة. (انظر الكشاف 3: 242- والبحر المحيط لأبي حيان- 6:
454 و 458) .

(1/17)


ومن ذلك قوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) «1» إلى قوله: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) «2» أي واللائى لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر، فحذف المبتدأ والخبر.
ومن ذلك قوله تعالى: (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) «3» والتقدير: وأمة غير قائمة «4» .
ومنه قوله تعالى: (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) «5» أي: وهم لا يؤمنون به [كله] ، فحذف «وهم لا يؤمنون [به كله] » «6» .
ومنه قوله تعالى: (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) «7» / أي: وسبيل المؤمنين، فحذف.
وقيل في قوله تعالى: (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) «8» إن التقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون، فحذف
__________
(1- 2) الطلاق: 4. وهي متصلة: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) .
(3) آل عمران: 113.
(4) في الأصل: «والتقدير: ومنهم أمة غير قائمة» . والتصويب من البحر المحيط (3: 33) وفيه:
«قال الفراء: أمة، مرتفعة بسواء، أي ليس مستويا من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذكر، وأمة كافرة، فحذفت هذه الجملة المعادلة، ودل عليها القسم الأول: كقوله:
عصيت إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدرى أرشد طلابها
التقدير: «أم غى» . [.....]
(5) آل عمران: 119 وأولها: (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) .
(6) التكملة من البحر. وفيه: «يدل عليها- أي على الحذف- إثبات المقابل في: تحبونهم ولا يحبونكم» .
(7) وقيل: خص سبيل المجرمين، لأنه يلزم من استبانتها استبانة سبيل المؤمنين، وعليه فلا حذف (البحر 4: 141) . وعلى الحذف، فليس المحذوف هنا جملة، كما يشعر به سياق المؤلف.
(8) الأنعام: 109.

(1/18)


كقوله تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ) «1» . والتقدير:
إن أردن أو لم يردن.
ومنه قوله تعالى: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) «2» أي: ويغشى النهار الليل، فحذف.
ومنه قوله تعالى: (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) «3» أي: وسرابيل تقيكم البرد، فحذف.
وقال تعالى: (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا) «4» أي: يقولون: ربنا.
وقال [تعالى] : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) «5» أي:
بعثناهم «6» ليسوءوا.
وقال [تعالى] : (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ) «7» أي: فآمنوا وأتوا خيراً لكم «8» .
وقال الكسائي «9» : يكن الإيمان خيرا لكم «10» .
__________
(1) النور: 33.
(2) الأعراف: 53- الرعد: 3.
(3) النحل: 81.
(4) السجدة: 12.
(5) الإسراء: 7.
(6) وهو جواب «إذا» يدل عليه جواب «إذا» الأولى في قوله تعالى قبل: (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ) . (البحر 6: 10) .
(7) النساء: 170.
(8) هذا مذهب الخليل وسيبويه. (البحر 3: 400) .
(9) وهو قول أبي عبيدة أيضا. (البحر 3: 400) .
(10) وثم مذهب ثالث للفراء، والتقدير: إيمانا خيرا لكم. يجعل «خيرا» نعتا لمصدر محذوف يدل عليه الفعل الذي قبله. (البحر 3: 400) . [.....]

(1/19)


وقال تعالى: (وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) «1» أي: وأتوا خيراً لأنفسكم «2» . وأنشدوا:
فواعديه سرحتى مالك ... أو الربا بينهما أسهلا «3»
أي: ائتى مكاناً أسهل.
ومن إضمار الجملة قوله تعالى: (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى)
«4» أي: فضربوه ببعضها فحيى، وأخبر بقاتليه «5» ثم خر ميتاً.
يدل على صحة الإضمار قوله: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) «6» ، ف «قست» : معطوف على «خَرَّ» «7» .
ومن إضمار الجملة قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) «8» .
أي: فأكل غير باغ فلا إثم عليه.
ونظيره في المائدة: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «9» . أي: فأكل غير متجانف.
__________
(1) التغابن: 16.
(2) وزادوا مذهبين، الرابع: إن «خيرا» حال. والخامس: على أنها مفعول «وأنفقوا» . (البحر 8:
280) .
(3) البيت لعمر بن أبي ربيعة. وسرحتا مالك: موضع بعينه. ويروى: «ذو النقا» مكان «أو الربا» (الكتاب لسيبويه 1: 143- والبحر 1: 199) .
(4) البقرة: 73.
(5) الأصل: «بقاتله» ، وانظر «مفاتيح الغيب للرازي» (1: 395) .
(6) البقرة: 74.
(7) جمهور المفسرين على أن في الكلام حذفا، يدل عليه ما بعده وما قبله، والتقدير: فضربوه فحيى. دل على «ضربوه» قوله تعالى: اضربوه ببعضها. ودل على «فحيى» قوله تعالى: (كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى) ولم يقولوا إن فعل القسوة معطوف على هذا الفعل المضمر.
(8) البقرة: 173.
(9) المائدة: 3.

(1/20)


نظيره في سورة النحل: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «1» . أي: فأكل.
وكذا في الأنعام: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «2» أي: فأكل.
وفي الآى كلام تراه في حذف المفعول.
ومن إضمار الجملة قوله تعالى: (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ) «3» والتقدير: فليمت غيظاً «4» .
نظيره: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) «5» . ولم يقل: فافعل.
وعلى هذا إضمار جواب «لو» في التنزيل، كلها جمل حذفت.
/ قال الله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) «6» . أي: لعلموا أن القوة.
ومنه قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) «7» ولم يقل: لكان هذا القرآن.
__________
(1) النحل: 115.
(2) الأنعام: 145.
(3) البقرة: 97.
(4) وقال التوحيدي: «التقدير فعداوته لا وجه لها، أو ما أشبه هذا التقدير» . (البحر 1: 320) .
(5) الأنعام: 35. [.....]
(6) البقرة: 165.
(7) الرعد: 31.

(1/21)


فأما قوله تعالى: (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) «1» فالتقدير عند الأخفش:
ما ألهاكم التكاثر، فأضمر لجرى ذكره في أول السورة.
وعند غيره: لو تعلمون علم اليقين لعلمتم أنكم ستردون الجحيم في الآخرة.
دل على هذا الخلاف (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) «2» .
فأما قوله تعالى: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) «3» فالمعنى: كلا لا ينفعكم التكاثر، فحذف.
وقوله: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ) «4» . أي: كلا لا تؤمنون.
ومن ذلك قوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) «5» . ثم قال: [تعالى] :
(فَتابَ عَلَيْكُمْ) «6» وأضمر «فتبتم» . أي: تبتم فتاب عليكم.
ومنه قوله تعالى، في حذف الجملة: (وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) «7» . أي: ويعقوب قال.
وقال عثمان «8» : في قوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) «9» يجوز أن يرتفع «شىء» [ب «عفي» ، أو] «10» بفعل محذوف يدل عليه قوله
__________
(1) التكاثر: 5.
(2) التكاثر: 6.
(3) التكاثر: 3.
(4) التكاثر: 5.
(5- 6) البقرة: 54.
(7) البقرة: 132.
(8) عثمان: هو أبو الفتح عثمان بن جني المتوفي سنة 392 هـ- 1002 م- ومن كتبه: المحتسب في إعراب شواذ القراءات، والمنصف والتصريف الملوكي.
(9) البقرة: 178.
(10) بمثل هذه الزيادة يستقيم الكلام. فقد ساق المؤلف رأيين ولم يذكر إلا واحدا. وهذا المذهب الذي فإنه ذكره، هو جواز إسناد «عفى» لمرفوعه «شيء» إسنادا حقيقيا، لأنه إذ ذاك مفعول به صريح، أو إسنادا مجازيا إذا كان لا يتعدى. (البحر 2: 12- 13) .

(1/22)


«عفى» لأن معناه: ترك له شىء من أخيه، أي من حق أخيه، ثم حذف المضاف وقدم الظرف الذي هو صفة للنكرة عليها، فانتصب على الحال في الموضعين منها.
وهذه الآية تجاذبها باب الجملة، وباب الإضافة، وباب حذف حرف الجر «1» ، وباب الحال، وستراها هناك إن شاء الله وحده.
ومن ذلك قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ... أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) «2» تقديره: صوموا أياماً معدودات، فحذف «صوموا» لأن قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) يدل عليه. ولا ينتصب ب «الصيام» لأن «الصيام» مصدر فلا يفصل بينه وبين أيام بالكاف المنصوبة ب «كتب» «3» لأن التقدير: كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على الذين من قبلكم.
ومثل هذه الآية قوله تعالى: (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) «4» .
والتقدير: وأحسنوا بالوالدين إحساناً فأضمر «وأحسنوا» «5» لأن المصدر يدل عليه. والدليل عليه/ قوله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) «6» .
ومنه قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا) «7» . أي: فصلوا رجالاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطحاوي والنووي يقران بأن المصر علي الكبيرة ومات مصرا عليها سيدخل الجنة وخالفا كتاب الله

 الطحاوي والنووي يقران بأن المصر علي الكبيرة ومات مصرا عليها سيدخل الجنة وخالفا كتاب الله {تعرف علي المهزلة العقائدية}   الطحاااااااااوي...