Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 أكتوبر 2023

ج2.التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب{من اول كتاب السبق والرمي}

 

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

4.

 

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

 

كتاب السبق والرمي

 

وتصح المسابقة على الدواب والمناضلة بالسهام (1): إذا

__________

(1) المسابقة من السبْق وهو التقدم، والمناضلة من النضْل وهو الرمي، وتناضل القوم ترامَوْا لتظهر مهارة كل منهم في الرمي.

وهما سنة إن كانا بقصد التأهب للجهاد، وإلا فهما مباحان، ما لم يقصد بهما محرماً - كقطع الطريق - فيحرمان، أو المفاخرة والتعالي.

والأصلَ في مشروعيتهما:

قوله تعالى: "وَأعِدوا لَهُمْ ماَ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة "/ الأنفال: 60/.

فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي فقال: (ألا إًنَ الْقُوَّةَ الرمْي ألاَ إن الْقوَةَ الرَّمْيُ، ألاَ إن الْقُوَةَ الرَّمْيُ). (مسلم: 1917).

وروى البخاري (2743) عن سَلَمةََ بْنِ الأكْوَعِ رضي الله عنه قال: مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على نَفرٍ من أسلَمَ يَنْتَضلُونَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلمِ: (ارْمُوا بَني إسْماعيلَ، فَإن أَبَاكُمْ كانَ رامياً، ارْمُوا وَأنَا مَع بَنِي فلان). قال: فأمسَكَ أحَدُ الْفَرِيقَيْن بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله علًيه وسلم: (مَالَكُمْ لا تَرْمُونَ).

قالُوا: كيف نَرْمى وَأنتَ مَعهمْ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارْموا فَأنَا مَعَكُم كُلِّكُمْ).

[نفر: من ثلاثة إلى عشرة من الرجال. أسلم: اسم لقبيلة كانت مشهورة.

إسماعيل: بن إبراهيم عليهما السلام، فإنه أب العرب. فأمسك .. : أمسكوا عن الرمي]

وروىَ البخاري (410) ومسلم (1870) عن ابن عمر رضي الله عنهما

(1/249)

________________________________________

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ التي أُضْمِرَتْ من الحَفْيَاء إلَى ثَنية الوَدَاع ِ، وسَابًَق الخيل التي لم تُضَمَّرْ من الثنيةِ إلى مًسْجِدِ بنيَ زُرَيْق، وأن عبدَ اللهِ بنَ عمر - رضي الله عنهما - كان فيمن سابَقَ بها.

[أضمرت: وضُمِّرت، سمنت أولا، ثم قُلّلَ علفها وأدخلت مكاناً وجللت حتى يكثر عرقها ويجف، فيذهب رهلُها ويقوى لحمها ويشتد جريها. الحفياء: موضع بقرب الدينة. أمدها: غايتها ونهاية مسافة سبقها.

الفنية: أي ثنية الوداع. وهي في الأصل الطريق إلى الجبل أو فيه].

وتجوز المسابقة والمناضلة على شرط مال بالشروط الآتية، وتسمى عندئذ رهاناً. روى الإمام أحمد في مسنده (3/ 160) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد سُئِل: أكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ على عهدِ رسول الله صًلى الله عليه وسلم؟ فقال: نَعمِْ، لقَدْ راهَنَ على فَرَس له يقاَلُ له سبحَة.

فَسبَقَ الناسَ، فَهش لذلك وَأعْجَبَهُ.

[لقد راهن: أي رسول الله صلى الله عليه وسلم. سبحة: من قولهم: فرس سابح، إذا كان حسن مد اليدين في الجري. فهش: تبسم وأظهر ارتياحه] وتكونان في جميع آلات الحرب ومعداتها وما ينفع فيها، لما رواه أبو داود (2574) والترمذي (1700) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ سَبقَ إلا في خُف أوْ حَافِرٍ أو نَصْل).

[سبق: هو المال المشروط في السبْق. خف: أي ذي خف: المراد الإبل. حافر: ذي حافر والمراد الخيل وما يلحق بها. نصل: القسم الذي يجرح من السيف والرمح والسهم ونحوها، والمراد الرمي بها].

فصار معنى الحديث: لا يحل أخذ المال بالمراهنة إلا في الثلاثة المذكورة

كانت المسافة معلومة (1) وصفة المناضلة معلومة (2).

ويخرج العوض (3) أحد المتسابقين حتى إنه إذا سبق استرده وإن سبق أخذه صاحبه له وإن أخرجاه معا لم يجز (4) إلا أن يدخلا بينهما محللا (5) إن سبق أخذ العوض (6) وإن سبق لم يغرم.

__________

وقد كانت آلة الحرب وعُدته، فيلحق بها كل ما كان كذلك حسب الزمان والمكان.

وأما غير ما ذكر فلا يجوز أخذ المال عليه، ويجوز التسابق فيه بغير شرط المال، شريطة أن لا يكون فيه إيذاء لإنسان أو تعذيب لحيوان.

(1) انظر حديث ابن عمر رضي الله عنه في الحاشية السابقة.

(2) كمعرفة الغرض وصفته وكيفية الرمي، ونحو ذلك.

(3) المال المشروط في المسابقة.

(4) لأن كلا منهما على خطر أن يغنم أو يغرم، وهذا قمار فلايجوز وجاز من أحدهما لانتفاء صورة المقامرة المذكورة.

ويجوز أن يكون العوض مشروطاً من غيرهما، كأن يشرطه الإمام من بيت المال، أو أحد الرعية من ماله، للسابق منهما، أو لأحد المتسابقين.

(5) أي شخصاً ثالثاً يكافئهما في شروط المسابقة، وسمي محللا لأنه يجعل العقد حلالاً، لانتفاء عورة المقامرة بوجوده على الوجه المذكور.

(6) المشروط منهما إن سبقهما، وإن سبق مع أحدهما أخذ العوض المشروط من الآخر.

(1/251)

كتاب الايمان والنذور

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

كتاب الأيمان والنذور

ولا ينعقد اليمين إلا بالله تعالى أو باسم من أسمائه أو صفة من صفات ذاته (1)

__________

(1) اليمين هي الحَلِفُ، سميت بذلك لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل بيمين صاحبه. ولا تنعقد - أي لا تصح ولا تترتب عليها آثارها المعتبرة شرعاً - إلا إذا كانت بما يدل على ذات الله تعالى، كقوله: والله. أو باسم خاص به، كقوله: والإله، مالك يوم الدين. أو بصفة من صفاته، كقوله: والرحمن، والحي الذي لا يموت، ونحو ذلك. والحلف بغير ما، سبق حرام ومعصية.

والأصل في هذا: ما رواه البخاري (6270) ومسلم (1646) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أدْرَكَ عُمَرَ بنِ الخَطَاب، وهو يسَيرُ في رَكبَ، يَحْلفُ بأبيه، فقال: (ألاَ إن اللهَ ينْهًاكُمْ أنْ تَحْلفُوا بآبائكُمْ، َ مَنْ كانَ حالِفاً فَلْيحْلفْ بالله أوْ لِيَصمُتْ).

[ركَب: جَمع راكب. ليصمت: ليسكت].

وروى البخاري (6253) عن ابن عمر رضى الله عنه قال: كَانَتْ يَمِينُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ وَمُقَلَبِ المْقُلُوبِ).

وثبت في أكثر من حديث عند البخاريَ (6254، 6255) وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم قال في حلفه: (وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَد بيده).

ويكره الحلف لغًير حاجهَ، قال تعالى: " " وَلاَ تجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً

(1/252)

________________________________________

ومن حلف بصدقة ماله (1) فهو مخير بين الصدقة (2) أو كفارة اليمين (3) ولا شيء في لغو اليمين (4).

__________

لأيْمَانِكمْ أنْ تَبروا وَتَتَّقُوا وَتصلِحُوا بَيْنَ الناسِ " / البقرة: 224/.

وروى البخاري (1981) ومسلم (1606) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (الْحَلف مُنَفقةٌ للسلْعَة مُمحقةٌ للبَركة).

[للسَلعة: ما يباع ويشترى من المتاعَ. ممحقة: مذهبَة. للبركة: الزيادة والنماء].

(1) كأن قال: لله علي أن أتصدق بمالي إن فعلت كذا، ومثله: أن أصوم يوماً، ونحو ذلك. ويسمى يمين اللجاج والغضب، كما يسمى نذر اللجاج والغضب، لشبهه بالنذر من حيث الالتزا بقربة، وشَبهه باليمين من حيث تأكيد المنع من الفعل أو الترك. وهو إلى النذر أقرب وبه أشبه. وأضيف إلى اللجاج - وهو التمادي في الخصومة - وإلى الغضب: لأنه غالبا يحصل عندهما.

(2) أي التصدق بماله، أو تنفيذ ما التزمه من القُرباتِ.

(3) لما رواه مسلم (1645) عن عقبة بنَ عامر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كَفَارَةُ النذْرِ كَفارَةُ اليَمِينِ). قال النووي رحمه الله تعالى: اختلف العلماء في المراد به، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، هو أن يقول إنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلاً: إن كلمت زيداً - مثلا - فلله علَيَ حجة، أو غيرها، فيكلمه، فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه، هذا هو الصحيح في مذهبنا. (شرح مسلم:104/ 11).

(4) وهو ما يجري على اللسان دون قَصْدِ الحْلِفِ، أو قَصَدَ الحلفَ على شي فسبق لسانُه إلى غيره. فلا كفارة فيه ولا إثم، لقوله تعالى: "لا

(1/253)

________________________________________

ومن حلف أن لا يفعل شيئا فأمر غيره بفعله لم يحنث (1) ومن حلف على فعل أمرين ففعل أحدهما لم يحنث (2).

وكفارة اليمين (3) هو مخير فيها بين ثلاثة أشياء:

__________

يُؤَاخذكُم اللهُ باللَّغْوِ في أيمانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بمَا كسبت قُلُوبُكُمْ "/ البقرَة: 225/. أي قصدتموه وعزمتم عليه، وكسب القلب هو العزم والنية.

قالت عائشة رضي الله عنها: أنزِلَتْ فيَ قوله: لاَ وَاللهَ، بَلى واللهَ.

البخاري (6286).

وروى أبو داود (3254) وابن حبان (1187) عن عطاء في اللَّغْوِ في اليمين، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (هُوَ كَلاَمُ الرجُلِ في بَيْتِهِ، كَلاَ وَالله، وً بَلى وَاللهِ).

(1) من الحنث وهو عدم الوفاء بموجب اليمين، والحنثَ في الأصل الذنب، وأطلق على ما ذكر لأنه سبب له. ولم يحنث في الصورة المذكورة، لأنه لم يباشر الفعل، والفعل ينسب إلى من باشره، وهو قد حلف على فعل نفسه حقيقة، فلا يحنث بفعل غيره.

(2) وذلك كما لو حلف: لا يلبس هذين الثوبين، أولا يكلم زيداً وعمراً، فلبس أحد الثوبين أو كلم أحد الرجلين، فلا يحنث، لأن يمينه واحدة على مجموع الأمرين.

أما لو قال: والله لا ألبس هذا ولا هذا، أو لا أكلم زيداً ولا عمراً، فيحنث بلبس أحد الثوبين أو تكليم أحد الرجلين، لأن إعادة حرف النفي جعلت كلا منهما مقصوداً باليمين على انفراد.

(3) أي المنعقدة، وهي التي يجري لفظها على لسانه ويقصدها قي قلبه، فإن لم يَبر بها، أي يعمل بموجبها، وجبت عليه الكفارة، لقوله تعالى:

(1/254)

________________________________________

1 - عتق رقبة مؤمنة

2 - أو إطعام عشرة مساكين كل مسكين مدا

3 - أو كسوتهم ثوبا ثوبا فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام (1).

__________

" وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بمَا عقَّدْتُمُ الأيمَانَ " / المائدة: 89/. أي بما قصدتموه من الأيمان وأكدتموه، بدليل قوله تعالى: " وَلكنْ يُؤَاخِذُكُم بمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " / البقرة: 225/.

وتكون على الماضي وعلى المستقبل، فإن كانت على الماضي وتعمد فيها الكذب فهي اليمين الغموس، وهي من الكبائر، ففيها الإثم بالإضافة إلى وجوب الكفارة، وسميت الغموس لأنها تغمس صاحبها في النار إن لم يتب منها.

روى البخاري (6298) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلمِ قال: (الْكبائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقوقُ الوَالِدين، وَقتلُ النّفْسِ والْيَمِينُ الْغَمُوسُ).

(1) مداً: كيل معروف يساوي مكعباً طول حرفه 2/ 9 سم، ويتسع 600 غراماً تقريباً.

ثوباً: يقع عليه اسم الكسوة مما يعتاد لبسه. لم يجد: أي كان عاجزاً عن كل من العتق والإطعام والكسوة. ولا يشترط التتابع في صوم الأيام الثلاثة.

والأصل في هذا: قوله تعالى: " فَكَفارَتُهُ إطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ من ْ أوسَط مَا تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ أوْ كِسْوَتُهمِْ أوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة فمن لَمَْ يجد فصِياَمُ ثَلاَثَةِ أيامٍ ذلك كفارةُ أيْماَنِكُمْ إذاً حَلَفْتُمْ " / الماَئدة: 89/.

[أوسط: الوسط المعتاد والمألوف لأمثالكم، بدون إسراف ولا تقتير.

تحرير رقبة: أي تخليص إنسان مملوك من الرق، ذكراً كان أم أنثى.

وقيدت بالإيمان لما جاء في كفارة القتل. (انظر: حاشية 1 ص 202)

إذا حلفتم: أي ولم تبرُّوا بيمينكم].

(1/255)

________________________________________

"فصل" والنذر يلزم في المجازاة على مباح وطاعة (1) كقوله إن شفى الله مريضي فلله عليَّ أن أصلي أو أصوم أو

__________

(1) أي يصح النذر وترتب عليه آثاره، ويلزم الوفاء به: إن كان بالتزام فعل طاعة مكافأة على حصول أمر مباح، أي محبوب للنفس طبعاً، من إصابة خير أو دفع سوء.

والنذر في اللغة: الوعد بخير أو شر، وشرعاً: الوعد بالخير خاصة.

أو: التزام قربة لم تتعين بأصل الشرع. وهو نوعان: نذر لجاج وغضب كما مر (حاشية 1 ص 251). ونذر تبرر، أي يُطلَب به البر والتقربُ من الله تعالى، وهو قسمان:

أحدهما: أن يكون معلقاً بأن يلتزم فعل قربة إن حدثت له نعمة أو ذهبت عنه نقمة، وهو نذر المجازاة - أي المكافأة - كما ذكر المصنف ومثل له.

والثاني: أن يكون غير معلق، كأن يقول: لله عَلَيّ صوم أو حج أو غير ذلك فيلزمه أيضاً كفى الأظهر في المذهب.

والأصل في شروعية النذر ولزوم الوفاء به: قوله تعالى، في صفات الأبرار: "يُوفوُنَ بالنذْر ويَخَافُونَ يوماً كَانَ شرهُ مُسْتَطيراً " / الدهر: 7 /.

[يوماً: هو يوم القيامة. شره: هوله وشدته. مستطتراً: ممتداً ومنتشراً].

وقال تعالى: " ولْيوفوا نُذُورهُمْ " / الحج: 29 /.

وذمه صلى الله عليه وسلم للذين لا يفون بنذرهم، روى البخاري (2508) ومسلم (2535) عن عمران بن حصين رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بَعدَكُمِ قَوماً يَخوُنون ولاَ يُؤْتَمَنُونَ ويشهدونَ ولا يستشهدون، ويْنْذرون ولا يفونَ، ويَظْهرُ

(1/256)

________________________________________

أتصدق

ويلزمه من ذلك ما يقع عليه الاسم (1).

ولا نذر في معصية كقوله: إن قتلت فلانا فلله عليَّ كذا (2).ولا يلزم النذر على ترك مباح كقوله: لا آكل لحما ولا أشرب لبنا وما أشبه ذلك (3).

__________

فِيهِمُ السمَنُ). أي بسبب كثرة المآكل الخلود إلى الراحة وترك الجهاد.

وقيل: هو كناية عن التفاخر. بمتاع الدنيا.

وروى البخاري (6318) عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أنْ يُطيع اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِه).

(1) أي اسم الصَلاة أو الصوم أو الصدقة شَرعاً، وأقله في الصلاة ركعتان، وفي الصوم يوم، وفي الصدقة أقل ما يتمول شرعاً، أي ما يعده الشرع مالاً. وهذا إن أطلق، فإن عين مقداراً أو عدداً لزمه ما عينه.

(2) لقوله صلى الله عليه وسلم: (ومَنْ نَذر أنْ يَعْصِيَه فلاَ يَعْصِهِ). ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ نَذْرَ في مَعْصِيَةِ اللهِ). مسلم (1641). أي لا ينعقد ولا يترتب عليه شيء، إلا إن نوى به اليمين فتلزمه كفارة يمين (انظر حاشية 3 ص 251).

(3) ومثل الترك الفعل، كما لو نذر أن يأكل أو يشرب أو يلبس.

دل على ذلك: ما رواه البخاري، (6326) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخْطُبُ، إذا هو بِرَجل قائم، فسأل عنه فقالوا أبو إسْرَائيلَ، نَذَرَ أنْ يقومَ ولا يقعدَ، ولا يستظل ولا يتكلم، ويصومَ. فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (مرْهُ فَلْيتَكَلَمْ وَلْيَستَظِل وَلْيَقعُدْ، وَليتِم صَوْمهُ). وذلك لأن الصوم طاعة، ويلزم الوفاء بها إذا نذرها.

(1/257)

________________________________________

كتاب الاقضية

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

كتاب الأقضية والشهادات (1)

__________

(1) الأقضية: جمع قضاء، وله في اللغة معان عدة منها: الحكم، قال تعالى: "وَقضىَ رَبكَ ألا تَعْبُدُ وا إلا َإياه وْبَالوَالديَن إحْسَاناً " / الإسراء: 23/. أي حكم.

وفي الشرع: فصل الخصومة بين اثنين فأكثر بحكم الله تعالى.

والأصل في مشروعية: آيات، منها: قوله تعالى: "وَإذَا حَكَمْتمْ بَيْنَ النّاسِ أنْ تَحكُمُوا بِالعَدْلِ "/ النساء: 58/. وقوله تعالى: "وَأنِ احْكُمْ بيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله "/ المائدة: 49/.

وأحاديث، منها: ما رواه أبو داود (3582) وغيره، عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن - وعند الحاكم (4/ 93): تبعثني إلى قوم ذوي أسنان وأنا حدث السن- ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: (إن الله سيَهْدي قَلْبَكَ، وَيُثَبتُ لِسَانَكَ). قال فما زلت قاضاً، أو: ماشككتَ في قضاء بعد.

[حديث السن: شاب. ذوي أسنان: كبار معمرين. لا علم لي: لم تسبق لي خبرة فيه. فما زلت قاضياً: عالماً بالقضاء].

وسيأتي مزيد من الأدلة في مواضعها من أحكام الكتاب.

والشهادات: جمع شهادة، من المشاهدة، وهي الاطلاع على الشيء عياناً، فهي إخبار عما شوهد أو علم بلفظ خاص. وهي في الشرع: إخبار لإثبات حق لغيره على غيره بلفظ خاص.

والأصل في مشروعيتها:

(1/258)

________________________________________

ولا يجوز أن يلي القضاء (1) إلا من استكملت فيه خمس عشرة خصلة:

1 - الإسلام (2)

2 - والبلوغ

3 - والعقل

4 - والحرية (3)

5 - والذكورية (4)

6 - والعدالة (5)

7 - ومعرفة أحكام الكتاب والسنة (6)

8 - ومعرفة الإجماع (7) ومعرفةُ

__________

آيات، منها: قوله تعالى: "كُونُوا قَوَّامينَ لله شُهدَاءَ بالْقِسْطِ " / المائدة: 8/. وقوله تعالى: " ولاَ تكتُمُوا الشًهادةَ " / البقرةَ: 283/.

وأحاديث سيأتي بعض منها في مواضع من الأحكام.

(1) أي لا تصح توليته، وليس للسلطان أن يوليه، كما أنه يأثم بقبوله.

(2) فلا يصح تولية الكافر القضاء فيَ دار الإسلام ولو ليقضي بين الكفار، لقوله تعالى: " ولَنْ يجْعَلَ الله للكَافِرِينَ عَلى المُؤْمنين سَبِيلاً "، / النساء: 141/. ولا سبيل أعظم من أن يكون قاضياً على المسلمَين أو في ديارهم.

(3) لنقص من فقدت فيه إحدى هذه الصفات.

(4) لقوله صلى الله عليه وسلم: (لنْ يُفْلِحَ قَوْمُ وَلوْا أمرَهُمُ امْرَأة).رواه البخاري (4163) عن أبي بكَرة رضي الله عنه.

(5) لأنه لا يوثق بقول من ليس بعدل ولا يؤمن الجَوْرُ في حكمه.

وسيأتي بيان العدالة في فصل الشهادة.

(6) الأحكام الثابتة بهما، والمحكم منها والمنسوخ، وأن يعرف ما يتعلق بهما من الأحكام العامة التي بواسطتها يستطيع استنباط الأحكام الفرعية، كما يستطيع أن يرجح بين الأدلة عند تغارضها.

(7) أي الأحكام المجمع عليها، حتى لا يخالفها في قضائه. والإجماع في اصطلاح الفقهاء والأصوليين: هو اتفاق جيع مجتهدي الأمة في عصر من العصور، على حكم شرعى، في حادثة لم ينص على حكمها في كتاب أو سنة.

فإذا حصل هذا الإجماع صار الحكم المجمع عليه شرعاً لازماً ولم يجز

(1/259)

________________________________________

9 - الاختلاف (1)

10 - ومعرفة طرق الاجتهاد (2)

11 - ومعرفة طرف من لسان العرب (3)

12 - ومعرفة تفسير كتاب الله تعالى (4)

__________

لأحد من المسلمين مخالفته، وليس للمجتهدين، ولو في عصر آخر، أن يجعلوا الحادثة - التي سبق إجماع على حكم لها - موضع نظر واجتهاد.

(1) الواقع بين الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من التابعين والأئمة المجتهدين، في المسألة التي يقضي فيها، ليكون على بصيرة فيما يجتهد فيه ويحكم به.

(2) أي الطرق المؤدية إلى استنباط الأحكام من أدلتها، وكيفية الاستدلال بتلك الأدلة على الأحكام.

(3) أي أن يكون على شيء من المعرفة باللغة العربية، واشتقاق ألفاظها وتصريفها، ووجوه الإعراب، لأنها لغة الشرع من كتاب أو سنة.

(4) والأصل في هذه الشروط الستة السابقة: ما رواه أبو داود (3573) وغيره، عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (القُضَاة ثَلاَثة: واحِدٌ في الْجَنَّة واثْنَان في النارِ، فَأمَّا الَّذي في الْجَنَةِ: فَرجل. عَرَفَ الْحَق فًقَضى بهَ، ورجلٌ عرف الحَق فَجَارَ في الْحُكمِ فهو في النار، ورَجل قَضَى للناس على جَهلٍ فهو في النّارِ). [على جهل: أي ليس لديه معرفة بما يوصله إلى القضاء بالحق الذي يرضي الله عز وجل] قال في الإقناع (2/ 277): والقاضي الذي ينفذ حكمه هو الأول، والثاني والثالث لا اعتبار بحكمهما.

وما رواه البخاري (6919) ومسلم (1716) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذَا حَكمَ الحاكم فاجْتَهَد ثم أصابَ فله أجْرَانِ، وإذا حَكَمَ فَاجتهدَ ثم أخْطَأَ فله أَجْر).

[اجتهد: بذل وسعه للتعرف على القضية ومعرفة الحق فيها. أصاب: الحق والواقع في حكمه. أخطأ: الحق وواقع الأمر في قضائه]

(1/260)

________________________________________

13 - وأن يكون سميعا

14 - وأن يكون بصيرا

15 - وأن يكون كاتبا

16 - وأن يكون مستيقظا (1)

ويستحب أن يجلس في وسط البلد في موضع بارز للناس (2) ولا حاجب له (3) ولا يقعد للقضاء

__________

فقد دل على أن القاضي الذي يحكم بين الناس ويمضي حكمه هو الذي لديه أهلية الاجتهاد، ولا تتوفو أهلية الاجتهاد إلا بتحقق هذه الشروط.

قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (12/ 13): قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده ...

فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا، لأن إصابته اتفاقية - أي عن غير قصد - ليست صادرة عن أصل شرعي، فهو عاص في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها، ولا يعذر في شيء من ذلك، وقد جاء في السنن: القضاة ثلاثة ... ثم ساق حديث أبي داود السابق.

(1) غير مغفل بحيث لا يخدع، هذا شرط إن كان فيه اختلال رأي ونظر، وإلا فهو مستحب. واشترط السمع ليميز بين الإقرار والإنكار. والبصر: ليميز بين الخصوم والشهود، ويعرف الطالب من المطلوب، لأن الأعمى لا يميز إلا بالصوت والصوت قد يشتبه.

والأصح أن الكتابة ليست بشرط، إلا إذا لم يوجد لديه كاتب يثق به.

(2) أي يمكن التعرف عليه بسهولة، للمستوطن والغريب.

(3) أي بواباً ونحوه، يحجب الناس عنه في وقت جلوسه للحكم ويمنعهم من الدخول إليه. لما رواه أبو داود (2948) والترمذي (1332) وغيرهما، عن أبي مريمَ الأزدي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ وَلاَه الله عَزّ وَجَل شيْئاً منِْ أمرِ المُسلِمِينَ،

(1/261)

________________________________________

في المسجد (1).

ويسوي بين الخصمين في ثلاثة أشياء:

1 - في المجلس

2 - واللفظ

3 - واللحظ (2).

ولا يجوز أن يقبل الهدية من أهل عمله (3).

__________

فَاحْتجَبَ دونَ حاجَتِهمْ وخَلَّتهِم وَفَقْرِهم، احتجبَ الله عنه دونَ حاجَته وخلَّته وفَقرِه). [الخلة: الحاجة وما في معناها]

وهذا إذَاَ لم تكنَ هَناك زحمَة تستْدعي وضع حاجب أمْنتظم الأمور.

(1) صوناً له عن الصياح واللغط والخصومات، على أنه قد يحتاج أن يحضر إلى مجلس القضاء من ليس لهم أن يمكثوا فيَ المسجد كالحُيَّض، ومن لا يليق دخولهم بالمسجد كالصغار والمجانين والكفار.

(2) أي النظر، فلا ينظر إلى أحد الخصمين ويقبل عليه أكثر من الآخر، كما أنه لا يخصه بكلام أو سلا م دون خصمه. وكذلك سائر أنواع الإكرام.

والأصل في هذا: ما رواه الدارقطني (4/ 205) عن أم سلمة، رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ابْتُلِيَ بالقضاء ين الناس فليعدل بينهم: في لحظه وإشارته ومقعده ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين ما لا يرفع على الآخر).

(3) أي الذين يرجعون إليه في حل خصوماتهم والفصل في منازعاتهم.

والأصل في هذا: ما رواه البخاري (6260) ومسلم (1832) عن أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: استَعْل عاملا، فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسولَ الله هذا لكم وهذا أهْديَ لي. فقال له: (أفَلاَ قعَدتَ في بيت أبيكَ وأمِّك فنظرتَ: أيهدَى لك أم لا) ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عَشِيَّة بعد الصلاة، فتشهدْ وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد، فما

(1/262)

________________________________________

ويجتنب القضاء في عشرة مواضع:

1 - عند الغضب

__________

بال العامل نستعملُه، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم، وهذا أهدي لي، أفلا قَعَد في بيت أبيه وأمَه فنظر: هَلْ يُهدى له أم لا؟ فوالذي نفسى مُحَمَّد بيده، لا يَغُل أحدُكم منها شيئاً إلاّ جاء به يوم القيامة يحملُه على عُنُقًهِ: إنْ كان بعيراً جاء به له رغاءٌ، وإن كانت بقرةً جَاء بها لها خُوَار، وإن كانت شاة جاء بها تَيْعَرُ. فقد بَلَغْتُ). ثم رفع رسول

الله صلى الله عليه وسلم يدَه حتى إنَّا لننظُرُ إلى عفرَةِ إبطَيْهِ. وفي رواية عنه عند أحمد (5/ 424): (هَدَايَا الْعمال غُلُولُ).

[استعمل: وظفه على جمع الزكاة. من عملكم: َ الذي كلفتموني به.

لا يغل: من الغلول، وهو في الأصل: الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، وسميت هديه العامل غلولا بجامع أن كلا منهما فيه خيانة وإخلال بالأمانة، لأن الهدية غالباً ما تحمل العامل على ذلك، ولذلك فهي حرام كالغلول.

رغاء: صوت الإبل. خوار: صوت البقر. تيعر: من اليُعار وهو صوت الغم والمعز. عفرة إبطيه: باطنهما، من شدة رفعه ليدبه. والعفرة في الأصل بياض يخالطه لون كلون التراب، وكذلك لون باطن الإبط].

وهذا إذا كانت ممن له عنده خصومة، أي قضية ينظر فيها، أو ممن لم تسبق له عادة في إهدائه قبل توليه القضاء. فإن كانت ممن له عادة في إهدائه، وليس له خصومة عنده، جاز له قبولها إن لم يزد فيها عن المعتاد كما أو كيفاً، فإن زاد فيها نظر: فإن كانت الزيادة لها أثر ظاهر لم تقبل، وإلاّ قبلت.

ومما ينبغي الانتباه إليه: هو أن الكلام في الهدية إذا لم يكن هناك قصد ظاهر، فإن كانت بقصد أن يحكم بغير الحق أو ليمتنع من الحكم بالحق، فهي رشوة، وهي من الكبائر، ويأثم القاضي بقبولها، كما يأثم الباذل لها والساعي في شأنها.

روى الترمذي (1336) وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

(1/263)

________________________________________

2 - والجوع

3 - والعطش

4 - وشدة الشهوة (1)

5 - والحزن

6 - والفرح المفرط

7 - وعند المرض

8 - ومدافعة الأخبثين (2)

9 - وعند النعاس

10 - وشدة الحر والبرد (3)

ولا يسأل المدعي عليه إلا بعد كمال الدعوى (4)

__________

لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّاشي والمُرْتَشي في الحكمِ. وعند أحمد (5/ 279) عن ثوبان رضى الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّاشي والمُرْتَشي والرَائِش، يعني الذي يمشي بينهما.

ومثل الهدية في كل ما سبق حضور الولائم والزيارات والضيافة ونحوها.

إلا إذا كانت وليمة عامة، كوليمة العرس والختان، وقد عمم صاحبها الدعوة إليها وليس له عنده خصومة، فله أن يخضرها، شريطة أن لا يشغله ذلك عن أعمال القضاء.

(1) أي التوقان إلى الجماع.

(2) البول والغائط.

(3) وغير ذلك من الأحوال التي تورث اضطرابا في النفس وسوءاً في الخلق وخللاً في الفكر.

والأصل فيَ هذا: ما رواه البخاري (6739) ومسلم (1717) عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لاَ بقْضِيَن حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ). وعند ابن ماجه (2316) (لاَ يَقْضي الْقَاضى ... ) وفي رواية: (لاَ يَنبَغي لِلْحاكِمِ أنْ يقْضيَ ... ).

وألحق بالغضب ما ذكر، لأنه في معناه من حيث تغير النفس، وخروجها عن الطبيعة التي تؤهلها للنظر والفكر والاجتهاد لمعرفة الحكم.

والنهي في هذا للكراهة، ولو قضىَ في حال منها نفذ حكمه.

(4) أي بعد فراغ المدعي من بيان دعواه.

(1/264)

________________________________________

ولا يحلفه إلا بعد سؤال المدعي (1) ولا يلقن خصما حجة ولا يفهمه كلاما (2) ولا يتعنت بالشهداء (3)

ولا يقبل الشهادة إلا ممن ثبتت عدالته (4) ولا يقبل شهادة عدو على عدوه ولا شهادة والد لولده

ولا ولد لوالده (5)

__________

(1) أي بعد أن يطلب المدعي من القاضي أن يُحَلَف المدعى عليه، لأن استيفاء اليمين من المدعى عليه حق للمدعي، فيتوقف على إذنه وطلبه.

(2) يعرف به كيفية الدعوى أو الجواب، أو كيف يقر أو ينكر، لما في ذلك من إظهار الميل له والإضرار بخصمه، وهذا حرام.

(3) أي لا يَشُقُّ عليهم ويؤذيهم بالقول ونحوه، كأن يهزأ بهم، أو يعارضهم في أقوالهم، أو يشدد عليهم في التعرف على كيفية تحملهم للشهادة، وظاهر حالهم الصدق وكمال العقل، لأن مثل ذلك ينفر من الشهادة وتحملها أو أدائها، والناس في حاجة إليها. قال تعالى: "ولا يضارَ كاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإن تَفْعَلُوا فَإنَّه فسوقٌ بِكمْ " / البقرة: 282/.

(4) وتثبت العدالة بمعرفة القاضي للشاهد، أوبتزكية عدلين له عنده.

وسيأتي بيان العدالة ودليلها بعد فصلين.

(5) لتهمة التحامل على العدو، والمحاباة للوالد أو الولد. والأصل في رد الشهادة للتهمة، فيما ذكر وغيره: ما رواه أبو داود (3601) وغيره، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذِي غِمْر عَلى أخِيهِ).

وفي رواية عند الترمذي (2299): (ولا ظَنين في وَلاء ولا قرابة).

[الغمر: الحقد والغل والشحناء. الظنين: المتهم]

(1/265)

________________________________________

ولا يقبل كتاب قاض إلى قاض آخر في الأحكام إلا بعد شهادة شاهدين يشهدان بما فيه (1).

"فصل" ويفتقر القاسم (2) إلى سبعة شرائط:

1 - الإسلام

2 - والبلوغ

3 - والعقل

4 - والحرية

5 - والذكورة

6 - والعدالة

7 - والحساب (3)

فإن تراضى الشريكان بمن يقسم بينهما لم يفتقر إلى ذلك (4)

وإذا كان في القسمة تقويم لم يقتصر فيه على أقل من

__________

(1) أي إذا حكم قاض على غائب، وكتب إلى القاضى الذي في بلده بما حكم به لينفذه عليه، اشترط أن يشهد على الكتابة شاهدين، يشهدان أمام القاضي المكتوب إليه بمضمون الكتاب.

(2) هو الذي ينصبه القاضي ليقسم الأشياء المشتركة بين الناس، ويميز نصيب كل شريك من نصيب غيره.

والأصل في مشروعية القسمة قوله تعالى في الميراث: "وَإذَا حَضَرَ الْقِسمةَ أولُوا الْقُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُم قَوْلاَ مَعْرُوفاً "/ النساء: 8/.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (الشفْعَةُ فِيمَا لَمْ يقْسمَْ).

(انظر حاشية 3 ص 139).

وثبت أنّه صلى الله عليه وسلم قَسًم الغنيمةَ بين الغانمينَ. (انظر: ص 227 حا 5، ص 228 حا 1).

(3) أما الشروط الستة الأولى: فلأن القاسم له ولاية كل من يقسم لهم، لأن قسمته ملزمة، ومن لم تتوفر فيه هذه الشروط فليس من أهل الولاية.

وأما معرفة الحساب، وكذلك المساحة وما يحتاج إليه حسب المقسوم، فلأن ذلك آلة القسمة، كما أن معرفة أحكام الشرع آلة القضاء.

(4) أي إلى جميع هذه الشروط، وإنما يكتفى بكونه مكلفاً، أي بالغاً

(1/266)

________________________________________

اثنين (1).

وإذا دعا أحد الشريكين شريكه إلى قسمة ما لا ضرر فيه (2) لزم الآخر إجابته (3).

"فصل" وإذا كان مع المدعي بينة سمعها الحاكم وحكم له بها وإن لم تكن له بينة فالقول قول المدعي عليه بيمينه (4) فإن نكل عن اليمين ردت على المدعي

__________

عاقلا، لأنه لا ولاية له في هذه الحالة، وإنما هو وكيل عنهما.

(1) لأن التقويم تقدير قيمة الشيء المقسوم، فهو شهادة بالقيمة، فيشترط فيه العدد.

(2) أي في قسمته، كدار كبيرة، وثياب متعددة، ونحو ذلك.

(3) أي موافقته على القسمة، إذ قد يكون في استمرار الشركة ضرر عليه. أما لو كانت في القسمة ضرر، فإنه لا تلزمه إجابته.

والأصل في هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ).

ابن ماجه (2340،2341) ومالك في الموطأ (2/ 745، 805).

(4) البينة: أي شهود يشهدون على مدعاه. فالقول: الذي يُسْمعَ ويُقْبَل.

والأصل في هذا أحاديث، منها: ما رواه البخاري (4277) ومسلم (1711) واللفظ له، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أِن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَوْ يُعْطَى الناس بدَعوَاهُم، لادعى ناس دماءَ رجال وأموالهم، ولَكنْ اليَمينُ على الَمُدَعَى عَلَيه).

وروى مسلَمِ (138) عن الأشْعثِ بنِ قَيْس رضي الله عنه قال: كان بيني وبينَ رجُل أرضٌ باليمنِ، فخاصمتُهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هَل لَكَ بينة) فقلت: لا. قال: (فَيَمينُه). وفي رواية (شَاهِداكَ أو يمينُه).

(1/267)

________________________________________

فيحلف ويستحق (1)

وإذا تداعيا شيئا في يد أحدهما: فالقول قول صاحب اليد بيمينه (2) وإن كان في أيديهما تحالفا وجعل بينهما (3)

ومن حلف على فعل نفسه حلف على البت والقطع (4)

ومن حلف على فعل غيره فإن كان إثباتا حلف على البت والقطع (5) وإن كان نفيا حلف على نفى العلم (6).

__________

(1) ما ادعاه، لما رواه الحاكم (4/ 100) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رَد اليَمنَ على طَالِبِ الحَق.

قال: هذا حديث صحيح الإسناد.

وطالب الحق هو المدعي. ونكل: امتنع.

(2) عملا بالأصل واستصحاب الحال، فإن وجوده بيده يرجح أنه ملكه، حيث لا بينة تخالفه، لأن الأصل أن لا يدخل في يده إلا بسبب مشروع.

(3) تحالفا: أي حلف كل منهما على نفي أن يكون ملكاً للآخر.

روى أبو داود (3613) وغيره، عن أبي موسى الأشْعريَ رضي الله عنه: أنَ رجلين ادعَيَا بعيراً أو دَابَّة، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليست لواحد منهما بَيِّنَةٌ، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بَينَهُما.

قال الحاكمَ (4/ 95): هذا حديث صحيح.

(4) البت: هو الجزم والقطع، لأنه عالم بنفسه ومحيط بحاله.

(5) لسهولة الاطلاع على المثبت والعلم به، كما لو ادعى أن لمورثه عل فلان كذا، فأنكر المدعى عليه ونكل عن اليمين، وحلف المدعي.

(6) أي إن كان ينفي فعلا عن غيره فلا يحلف على الجزم، لأنه لا سبيل له إلى القطع في نفي فعل غيره- بل يقول: والله لا أعلم أن فلاناً فعل كذا.

(1/268)

________________________________________

"فصل" ولا تقبل الشهادة إلا ممن اجتمعت فيه خمس خصال:

1 - الإسلام

2 - والبلوغ

3 - والعقل

4 - والحرية

5 - والعدالة (1)

وللعدالة خمس شرائط:

1 - أن يكون مجتنبا للكبائر

2 - غير مصر على القليل من الصغائر

3 - سليم السريرة

4 - مأمون الغضب

5 - محافظا على مروءة مثله (2).

__________

(1) أما الإسلام: فلقوله تعالى: " وَاسْتَشْهِدُ وا شَهِيدين مِنْ رِجَالِكُمْ " / البقرة 282/. والكافر ليس من رجالنا. ولقوله تعالى: "وَأشْهِدُ وا ذَوَيْ عَدل مِنكُمْ " / الطلاق: 2/. والكافر ليس بعدل، كما أنه ليس منا.

وأيضا الشهادة ولاية، ولا ولاية للكافر، كما علمت (انظرص 257 حا 2) وأما البلوغ والعقل والحرية: فلأن الصبي والمجنون والعبد لا ولاية لهم على أنفسهم فلا ولاية لهم على غيرهم من باب أولى، فلا تقبل شهادتهم.

لأن الشهادة ولاية كما علمت.

وأما العدالة: فلقوله تعالى: " وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل منْكُمْ " فهي صريحة في اشتراط أن يكون الشاهد عدلاً.

ولقوله تعالى: "ممنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشهَدَاءِ " / البقرة: 282/.

وغير العدل ممن لا يرضى.

(2) الكبائر: جمع كبيرة، وهي كل ما ورد فيه وعيد شديد في كتاب أو سنة، ودل ارتكابه على تهاون في الدين، كشرب الخمر والتعامل بالربا وقذف المؤمنات بالزنا، قال تعالى في شأن القاذفين: "وَلا تَقْبَلُوا لَهمْ شَهَادَة أبَداً وَأولئكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " / النور: 4/.

والصغائر: جمع صغيرة، هى ما لم ينطبق عليه تعريف الكبيرة، كالنظر المحرم وهجر المسلم فوقَ ثلاث، ونحو ذلك.

سليم السريرة: أي العقيدة، فلا تقبل شهادة من يعتقد جواز سب الصحابة رضي الله عنهم.

(1/269)

________________________________________

"فصل" والحقوق ضربان:

1 - حقوق الله تعالى

2 - وحقوق الآدميين:

فأما حقوق الآدميين فهي على ثلاثة أضرب:

1 - ضرب لا يقبل فيه إلا شاهدان ذكران، وهو: ما لا يقصد منه المال ويطلع عليه الرجال (1)

2 - وضرب يقبل فيه شاهدان أو رجل وامرأتان أو شاهد ويمين المدعي وهو ما كان القصد منه المال (2).

__________

مأموناً: أي من أن يتجاوز الحد في تصرفه، ويقع في الباطل والزور.

مروءة مثله: أي متخلقاً بأخلاق أمثاله من أبناء عصره، ممن يراعون آداب الشرع ومناهجه، في الزمان والمكان. ويرجع في هذا غالباً إلى العرف.

(1) كالزواج والطلاق والوصية ونحو ذلك: لقوله تعالى في الوصية: " يَا أيهَا الذين آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنكُمْ إذا حَضَرَ أحَدَكُمْ المَوْتُ حِينَ الوَصِيةِ اثنَانِ ذَوا عَدْل منْكُمَْ "، / المائدة: 106/.

وقوله تعالى في الطلاق: " مأمسِكُوهُن بمعرُوفٍ أوْ فَارِقُوهُن بمَعْروفٍ وأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدل مِنْكُمْ " / الطلاق: 2/ مثنى ذو، وهو بمعنى صاحب.

وقرله صلى الله عليه وسلم في الزواج: (لاَ نِكَاحَ إلا بِوَليٍ مُرْشِد وَشَاهدَيْ عَدل). انظر حاشية 2 ص 161.

ففَي النصوصً الثلاثة ورد الشهود بلفظ التذكير، وقيس ما لم يذكر من الحقوق على ما ذكر.

(2) كالبيع والإجارة والرهن ونحو ذلك. والأصل في هذا: قوله تعالى: "وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَين مِنْ رِجَالِكُمْ فَإنْ لَمْ يكُونا

رَجُلَيْن فَرَجُلٌ وَامْرأتَان مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدَاءِ أنْ تَضِل إحْدَاهمَا فَتُذكرَ إحدَاهمَا الأخْرَى "/ البقرة: 282/. تضل: تنسى.

وروى مسلم (1712) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسولَ الله

(1/270)

________________________________________

3 - وضرب يقبل فيه رجل وامرأتان أو أربع نسوة وهو ما لا يطلع عليه الرجال (1).

وأما حقوق الله تعالى فلا تقبل فيها النساء (2) وهي على ثلاثة أضرب:

1 - ضرب لا يقبل فيه أقل من أربعة وهو الزنا (3).

__________

صلى الله عليه وسلم قضىَ بِيَمِينٍ وَشَاهد. وفي مسند الشافعي: قال عمرو أي ابن دينار راويه عن ابن عباس - في الأموال. (الأم: 6/ 156 هامش) أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد في الأموال.

(1) غالباً، من عيوب النساء، وكذلك الرضاع والولادة ونحوها.

لما رواه ابن أبى شيبة، عن الزهري رحمه الله تعالى قال: مضت السنةُ بأنه يجوز شهادةُ النَساء فيما لا يَطلِعُ عليه غيرُهن، من وِلاَدَةِ النساء وعيوبهن. (الإقناَع: 2972) ومثل هذا القول من التابعي حجة، لأنه في حكَم الحديث المرفوع، إذ لا يقال سن قبيل الرأي والاجتهاد.

وقيس على ما ذكر غيره. مما يشاركه في معناه وضابطه.

واشترط العدد، لأن الشارع جعل شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد.

وإذا قبلت شهادة النساء منفردات في شؤونهن، فقبولها مع اشتراك رجل وامرأتين أولى، لأن الأصل في الشهادة الرجال، وكذلك إذا انفرد الرجال بالشهادة.

(2) لأن شهادتها فيها شبهة، وهذه الحقوق يؤخذ فيها بالاحتياط، وكذلك قبول شهادتها منفرة فيما مر للستر. وروى مالك عن الزهري قال: مضت السنة بأنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود. (الإقناع: 2/ 296).

(3) دل على ذلك آيات، منها: قوله تعالى: " وَالَذينَ يَرْمُونَ المَحْصَنَاتِ ثم لَمْ يَأتُوا بِأرْبَعَة شهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ " / النور 4/.

فقد رتب وجوب الجلد على عدم اَلإتيان بأربعة شهداء، فدل على أن الزنا لا يثبت إلا بهم.

(1/271)

________________________________________

2 - وضرب يقبل فيه اثنان وهو ما سوى الزنا من الحدود (1)

3 - وضرب يقبل فيه واحد وهو هلال رمضان (2).

__________

وقال تعالى: "وَاللاَتي يَأتِين الْفَاحشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاشتَشْهِدُوا عَليهِن أرْبَعَة مِنْكُم "/ النساء: 15/.

وقال في حادثة الإفك - أي افتراء الفاحشة على عائشة رضي الله عنها - " لَوْلاَ جَاؤوا عَليْهِ بأرْبَعَة شهَدَاءَ فَإذَ لَمْ يَأتُوا بِالشداءِ فَأولَئِكَ عنْدَ الله هُمَُ الْكَاذَبونَ "/ النور: 13/.

فهذه لآيات كلهَا تدك على أن نصاب الشهادة في الزنا أربعة من الذكور.

وبين هذا حديث مسلم (1498) أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: يا رسولَ الله، لو وجدت مع أهلي رجلاً، لم أمسَهُ حتَّى آتيَ بأرْبَعَةِ شهَدَاءَ؟ قال رسولُ الله: (نَعَمْ) قال: كَلا والَّذي بعثَك بالحَق، إنْ كنتُ لأعاجلُه بالسَّيفِ قبل ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اسْمَعوا إلى ما يَقولُ سَيَدُكُمْ، إنه لَغيُورٌ، وَأنَا أغْيَرُ مِنْه، واللهُ أغْيَرُ مِنَي). وقال ذلك عندما نزل: " والذين يرمون ... " ثم نزلت آيات اللعان فُسْحَة للأزواج. (انظر حاشية 3،2 ص 177).

(1) كحد القذف والشرب (انظر حا 2 ص 208، حا 2 ص 210) ومثله القصاص لعموم نصوص الشهادة، مثل قوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم " وقوله: "وأشهدوا ذوي عدل منكم " وقوله صلى الله عليه وسلم (شاهداك أو يمينه). مع قول الزهري: مضت السنة بأنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود.

(2) لما رواه أبو داود (2342) وغيره، عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: تَرَاءى النَّاسُ الهِلاَلَ، فأخرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنَي رأيته، فصامَهُ وأمر النَّاسَ بصيامه.

والحكمة في قبول شاهد واحد في هذا اَلاَحتياط في أمر الصوم، إذ الخطأ في فعل العبادة أقل مفسدة ميت الخطأ في تركها، ولذا لا يقبل في هلال شوال بأقل من شاهدين.

(1/272)

________________________________________

ولا تقبل شهادة الأعمى إلا في خمسة مواضع:

1 - الموت

2 - والنسب

3 - والملك المطلق (1)

4 - والترجمة (2)

5 - وما شهد به قبل العمى (3)

6 - وما شهد به على المضبوط (4)

ولا تقبل شهادة جار لنفسه نفعا ولا دافع عنها ضررا (5).

__________

(1) أي كأن يدعي شخص ملك شيء ولا منازع له فيه، فيشهد الأعمى: أنَّ هذا الشيء مملوك، دون أن ينسبه لمالك معين. وقبلت شهادته في هذه الأمور لأنها مما يثبت بتسامع الناس لها، أي تناقلها بينهم، واستفاضتها فيهم، ولا تفتقر إلى مشاهدة وسماع خاص، لأنها تدوم مدة طويلة، يعسر فيها إقامة البينة على ابتدائها لذهاب من حضرها فيَ غالب الأحيان.

(2) أي بيان كلام الخصوم والشهود وتوضيحها، لأن ذلك يعتمد على اللفظ لا على الرؤية.

(3) أي تحمل فيه الشهادة قبل العمى، إن كان المشهود له وعليه معروفي الاسم والنسب.

(4) أي الممسوك، وذلك كأن يقول أحد في أذن الأعمى قولاً، من إقرار أو طلاق ونحوه، فيمسكه ويذهب به إلى القاضى، ويشهد عليه بما قاله في أذنه.

(5) مثال الأول: أن يشهد الوارث أن مورثه مات قبل أن يندمل الجرح، فيأخذ الدية. ومثال الثاني: أن تشهد العاقلة في قتل الخطأ بفسق شهود القتل، حتى لا تتحمل الديهّ. والأصل في رد هذه الشهادة التهمة.

(1/273)

________________________________________

كتاب العتق

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

كتاب العتق (1)

ويصح العتق من كل مالك جائز التصرف في ملكه (2)

__________

(1) وهو إزالة الملك عن الاَدمي، وتخليصه من الرق، تقرباً إلى الله تعالى. وقد جاء في الحث عليه والندب إليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة: أما الكتاب: فمثل قوله تعالى: " فَلاَ اقتحَمَ الْعَقَبةَ. وَمَا أدْرَاك مَا الْعَقَبَةُ. فَك رَقَبَة " / البلد: 11 - 13/.

ومنها: آيات الكفارات، كالقتل والظهار واليمين، كما مر معك.

وأما الأحاديث: فمنها: ما رواه البخاري (2381) ومسلم (1509) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيمَا رجُل أعتقَ امْرَأ مُسْلِماً، اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُل عُضْوٍ مِنهُ عُضْواً منْهُ مِنَ النارِ).

[رجل: مسلم، ذكراً كان أم أنثى. استنقذ: خلص ونجى، وتخليص العضو تخليص لكامل الجسد، لأنه إذا استحق عضو النار بمباشرته المعصية، كانت العقوبة لكامل الجسد].

وعند أبي داود (3966) وغيره، عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (منْ أعْتَقَ رَقَبَة مؤْمنَة كَانَتْ فداءَهُ منَ النارِ). والرقبة تشمل الذكر والأنثى.

وَكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر به عند النوازل.

روى البخارى (2383) عن أسماءَ بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت: أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بِالْعَتاقَةِ في كُسُوفِ الشمْس.

(2) أي مطلق التصرف فيما يملك، وهو: كل بالغ عاقل غير محجور

(1/274)

________________________________________

ويقع بصريح العتق والكنابة (1) مع النية

وإذا أعتق بعض عبد عتق عليه جميعه وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر سرى العتق إلى باقية وكان عليه قيمة نصيب شريكه (2).

__________

عليه لسفه أو فلس. لأن العتق تبرع، ولا يصح التبرع إلا ممن كان على هذا الوصف.

(1) وهي هنا: كل لفظ يتضمن زوال المِلك أو ينبىء عن الفرقة، كقوله: لا سلطان لي عليك، أنت سائبة، لا خدمة لي عليكم، ونحو ذلك.

(2) شركاً: نصيباً مشتركاً. موسر: غني يملك قيمة باقيَ العبد. سرى: تعدى وجاوز. فإن لم يكن المعتق موسراً عتق نصيبه، وتُرِك العبد ليعمل ويكسب قيمة باقيه، ويدفعها إلى الشركاء، فيصبح حراً بالكلية.

والأصل في هذا:

ما رواه البخاري (2386) ومسلم (1501) وغيرهما، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أعتقَ شِرْكاً له في عَبد، فكانَ له مَال يبلغٌ ثمَنَ العبد، قُومَ الْعَبْد قيمةَ عدل، فَأعطىَ شركاءَه حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَليْه، وإلا فقد عتق منه ما عتق).

[قيمة عدل: أي لا زيادة فيها ولا نقص. حصصهم: قيمة حصصهم.

ما عتق: أي نصيبه الذيَ أعتقه].

وروى البخاري (2360) ومسلم (1503) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (منْ أعْتَقَ شَقِيصاً منْ ممْلوُكِه فعليه خَلاَصُهُ في ماله، فَإنْ لم يكنْ له مالٌ قُوِّمَ المَمْلُوكُ قيمةً عَدْلٍَ، ثم استُسْعِيً غَيرَ مشقوق عليه).

[شقيصاً: نصيباً. خلاصه: أداء قيمة باقية ليتخلصً منَ الرق نهائياً.

(1/275)

________________________________________

ومن ملك واحدا من والده أو مولوده عتق عليه (1).

"فصل" والولاء من حقوق العتق (2) وحكمه حكم التعصيب عند عدمه (3) وينتقل الولاء عن المعتق إلى

__________

استسعي: ألزم العبد أن يكتسب قيمة باقيه. غير مشقوق عليه: أي لا يشدد عليه في ذلك إذا عجز عن الاكتساب، بل يبقى باقيه مملوكاً].

وإذا كان عتق الجزء يسري إلى الكل في المشترك ث فَلأنْ يسري إليه إذا كان يملك جميعَه من باب أولى.

(1) أي من ملك أحد أصوله مهما علوا كجد وجدة، أو فروعه مهما نزلوا كابن ابن وبنته، أصبح حراً تملكه له. والأصل في هذا: ما رواه مسلم (1510) وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَجزي وَلَدُ وَالداً، إلا أنْ يَجدَهُ مَمْلُوكاً فَيشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقَهُ). أي فيكون شَراؤه له سبباً لعتقَه، فيعتق بنفس الشراء: لا يحتاج إلى لفظ جديد.

وقيس على الشراء غيره من أسباب الملك، كالهبة والميراث وغيرها.

[لا يجزي: لا يقوم بماله عليه من حق. مجده: يصادفه].

وقيس بالأصول الفروع بجامع البعضية، أي إن الولد الذي هو الفرع بعض الوالد الذي هو الأصل، فكما أن الأصل لايملكه بعضُه، فهو لايملك بعضَه.

(2) أي ملازم له، يثبت للمعتِق بمجرد عتقه، ولا يملك إسقاطه أو التنازل عنه. والولاء: من الموالاة، وهي المعاونة والنصرة، والمراد به هنا: استحقاق الميراث إذا لم يوجد عصبة من النسب.

روى البخاري (444) ومسلم (1504) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى اللَه عليه وسلم: (فَإن الْوَلاَءَ لِمَنْ أعْتَقَ).

(3) أي للمعتق ما للعصبة من النسب، كالولد والوالد والأخ، عند فقده، من استحقاق الميراث وولاية التزويج وتحمل الدية والمطالبة بها،

(1/276)

________________________________________

الذكور من عصبته (1) وترتيب العصبات في الولاء كترتيبهم في الإرث (2) ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته (3).

"فصل" ومن قال لعبده: إذا مت فأنت حر فهو مدبر (4) يعتق بعد وفاته من ثلثه (5) ويجوز له أن يبيعه في حال حياته ويبطل تدبيره (6) وحكم المدبر

__________

ونحو ذلك.

روى الحاكم (4/ 341) وصحح إسناده: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولاء لحمة كلحمة النسب). واللحمة القرابة ونحوها.

(1) أي عصبة المعتق، وذلك بعد موته.

(2) أي الأقرب والأولى من عصبة المعتقَ مقدم على غيره.

(3) روى البخاري (2398) ومسلم (1506) عن ابن عمر رضي الله عنه قال نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِه.

(4) من التدبير، وهو: تعليقُ المالك عتقَ عبده على موته. سمي بذلك لأن الموت دُبُرُ الحياة، أي آخرها ونَهايتها.

(5) أي من ثلث تركته بعد تجهيزه ووفاء ديونه، لأنه تبرع معلق بالموت، فأشبه الوصية، وهي من الثلث. وروي أن ابن عمر رضي الله عنه قال: المدبر من الثلث. دارقطني (4/ 138) ولم ينكر عليه أحد، فصار في حكم الإجماع. (نهاية: 3/ 116).

(6) روى البخاري (2034) ومسلم (997) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَ رجُلا أعْتَق غُلاَماً له عن دُبر، فاحْتَاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (مَنْ يَشْتَرِيه منَي). فاشتراه نُعَيْمُ بنُ عبد الله بكذا وكذا، فدفعه إليه.

(1/277)

________________________________________

في حال حياة السيد كحكم العبد القن (1).

"فصل" والكتابة مستحبة إذا سألها العبد وكان مأمونا مكتسبا (2) ولا تصح إلا بمال معلوم ويكون مؤجلا إلى أجل معلوم أقله نجمان (3)

وهي من جهة السيد لازمة ومن جهة المكاتب جائزة فله فسحها متى شاء (4) وللمكاتب التصرف فيما في يده من المال

__________

(1) أي له أن يتصرف به بيعاً وهبة ونحو ذلك لما مر آنفاً.

والقن: هو المملوك الذي لم يتصل به شيء من أحكام العتق أو مقدماته، وهي: التدبير كما سبق، والكتابة والاستيلاد، كما سيأتي.

(2) الكتابة في اللغة: الضم والجمع، وفي الشرع: عقْد عتْقِ على عوض، بشروط تأتي، وبلفظ الكتابة. سميت بذلك، لأن المملَوكَ يضم قسطاً من المال إلى قسط حتى يعتق. أميناً: مأموناً فيما يكسبه. مكتسباً: قادراً على الكسب. والأصل فيها: قوله تعالى: " وَالَّذِينَ يَبتَغُونَ الْكتَابَ ممَّا مَلَكَتْ أيمَانكُمْ فَكَاتبُوهُمْ إنْ عَلمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً " / النورَ: 33/.

[يبتغون: يطلبوَن ويقصدون. الكتاب: المكاتبة مما ملكت أيمانكم: من العبيد والإماء. خيراً: هو القدرة على الاكتساب والأمانة]

(3) مثنى نجم وهو الوقت، لأن العرب كانوا يوقتون بطلوع النجم، ويطلق أيضاً على المال المؤدى في كل وقت.

(4) لازمة: أي عليه الاستمرار بها، وليس له فسخها والرجوع عنها.

جائزة: أي لا يجب عليه الاستمرار بها، وله الوجوع عنها وفسخها، سواء عجز عن أداء النجوم أم لا. وذلك مراعاة لصلحة المكاتب، لأن الكتابة شرعت في الأصل نظراً لمصلحته.

(1/278)

________________________________________

ويجب على السيد أن يضع عنه من مال الكتابة ما يستعين به على أداء نجوم الكتابة (1) ولا يعتق إلا بأداء جميع المال (2).

"فصل" وإذا أصاب السيد أمته فوضعت ما تبين فيه شيء من خلق آدمي حرم عليه بيعها ورهنها وهبتها وجاز له التصرف فيها بالاستخدام والوطء وإذا مات السيد عتقت من رأس ماله قبل الديون والوصايا (3) وولدها من غيره بمنزلتها (4)

__________

(1) أي يحط عنه جزءاً من المال المتفق عليه ليسهل عليه الأداء. قال تعالى: " وَآتُوهُمْ مِنْ مَال الله الَّذي آتَاكُمْ " /النور:33/.

(2) روى أبو داود (3926) عنَ عبدَ الله بَن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المُكَاتَبُ عبدٌ مَا بَقِيَ عَليْه منِْ مُكَاتَبتَه درْهَمٌ).

(3) أصابَ: َ وطىء، وتسمى بوضعها ما ذكر بعد وطئه لها أم ولد.

والأصل فيما ذكر لها من أحكام: ما رواه الدارقطني (4/ 134) والبيهقي (10/ 348) وصححا وقفه على عمر رضي الله عنه: أمهات الأولاد لا يبعن ولا يوهن ولا ديورثن، يستمتع بها سيدها ما دام حياً، فإذا مات فهي حرة. وصحح ابن القطان رفعه.

(نهاية:3/ 121).

وعند مالك في الموطأ (2/ 776) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيما وليدة ولدت من سيدها، فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها، وهو يستمتع بها، فإذا مات فهي حرة.

(4) أي إذا أتت بولد من غير سيدها، بعد أن أصبحت أم ولد، فولدها يصبح حرا مثلها بعد موت السيد، لأن الولد تبع لأمه فيَ الحرية.

(1/279)

________________________________________

ومن أصاب أمة غيره بنكاح فالولد منها مملوك لسيدها (1) وإن أصابها بشبهة (2) فولده منها حر وعليه قيمته للسيد وإن ملك الأمة المطلقة بعد ذلك (3) لم تصر أم ولد له بالوطء في النكاح وصارت أم ولد له بالوطء بالشبهة على أحد القولين (4) والله أعلم.

__________

(1) لأنها مملوكة وولدها تبع لها.

(2) أي ظناً منه أنها أمته أو زوجته الحرة.

(3) أي بعد وطئه لها بالنكاح، وصورتها: أنه تزوجها مملوكة ووطئها، فأتت منه بولد، ثم طلقها، ثم ملكها من سيدها، بشراء أو هبة ونحوها.

(4) وهو مرجوح، والأرجح أنها لا تصير أم ولد، ما لم يطأها وتضع منه بعد ملكه لها.

تم الكتاب بفضل الله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

(1/280)

________________________________________

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

بيان بالمراجع المشار اليها وببعض المصطلحات

تعليقا: أي أن الحديث معلق، والحديث المعلق: هو الذي يذكره مخرجه في كتابه، وقد حذف منه السند كله أو بعضه.

رواه الخمسة: المراد بهم: أحمد بن حنبل، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، رحمهم الله تعالى.

مرسلا: أي ان الحديث مرسل، والحديث المرسل: هو الذى يرويه التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن يذكر الصحابي الذي رواه عنه.

مراجع الحديث المعتمدة

1 - صحيح البخاري رحمه الله تعالى (الجامع الصحيح): طبعة دار الإمام البخاري، التى ستصدر قريبا باذن الله تعالى، موشحة بخدمة جديدة مفيدة، لهذا الكتاب الذي هو مرجع المسلمين بعد كتاب الله عز وجل، وفقني الله تعالى للقيام بها، بفضله وكرمه.

وحيث أذكر الرقم هكذا (4260) مثلا فهو الرقم المتسلسل لأحاديث الصحيح من أول الكتاب الى آخره. وأذكر هكذا (2/ 15) مثلا، فالرقم الأول رقم الكتاب في الصحيح، والرقم الثاني رقم الباب ضمن الكتاب المشار اليه.

2 - صحيح مسلم رحمه الله تعالى (الجامع الصحيح): طبعة دار إحياء التراث العربي، المصورة عن طبعة عيسى البابي الحلبي، بتحقيق وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي، وهي مرقمة الكتب والأبواب والاحاديث، والرقم المشار اليه عند كل حديث هو الرقم المتسلسل للاحاديث.

(1/281)

________________________________________

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

3 - الجامع الصغير للسيوطي رحمه الله تعالى، وهو ذو أرقام، والرقم المشار إليه يعني الرقم المتسلسل للحديث.

4 - سنن ابن ماجه رحمه الله تعالى: طبعة عيسى البابط الحلبى (1372هـ - 1952 م) بتحقيق وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي، وهي مرقمة، والرقم المشار اليه عند الرواية هو الرقم المتسلسل للحديث.

5 - سنن أبي داود رحمه الله تعالى: طبعة الأستاذ عزت عبيد الدعاس وبتعليقه- الطبعة الأولى، وهي ذات أرقام متسلسلة للأحاديث، وقد أشرت الى رقم الحديث عند روايته.

6 - سنن الترمذي رحمه الله تعالي: طبعة الأستاذ عزت عبيد الدعاس بتعليقه (1385هـ - 1965 م) وهي طبعة مرقمة، والرقم المشار اليه عند الرواية هو الرقم المتسلسل للحديث.

7 - سنن النسائي رحمه الله تعالى: طبعة دار إحياء التراث العربي،

8 - سنن الدارقطني رحمه الله تعالى: طبعة السيد عبد الله هاشم يماني المدني بالدينة المنورة (1386هـ - 1966م).

9 - السنن الكبرى للبيهقي رحمه الله تعالى: طبعة الطبعة العثمانية بالهند (1353 هـ).

10 - شرح صحيح مسلم: للإمام النووي رحمه الله تعالى.

11 - كشف الخفاء: طبعة دار أحياء اللتراث العربى (1351 هـ).

12 - المستدرك على الصحيحين: للحاكم رحمه الله تعالى: الطبعة الهندية، نشر مكتب الطبوعات الاسلامية - حلب - محمد أمين دمج.

13 - المسند: للإمام أحمد رحمه الله تعالى: نشر الكتب الإسلامي ودار صادر.

(1/282)

________________________________________

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

14 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: للحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى، وهو المعتمد حيث يسند الحديث إلى ابن حبان، والرقم المشار إليه عند الرواية هو الرقم المتسلسل للحديث فيه.

15 - الموطأ: للإمام مالك رحمه الله تعالى: طبعة عيسى البابي الحلبي، بتعليق محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى.

16 - نيل الأوطار: للشوكاني رحمه الله تعالى، طبعة مصطفى البابي الحلبي (1380 هـ - 1961 م).

ملاحظة: الرقم المذكور، عند الرواية عن الكتب. غير الرقمة ترقيما متسلسلا يعني رقم الجزء والصفحة.

كتب الفقه المشار اليها

1 - الأم للشافعي رحمه الله تعالى، تصوير كتاب الشعب في القاهرة.

شروح متن الغاية والتقريب: وهى:

- الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: للخطيب الشربيني رحمه الله تعالى، طبع الطبعة العامرة الشرفية في القاهرة سنة 1317 هـ.

- كفاية الأخيار: لتقي الدين الحسيني الحصني الدمشقى، طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه.

- النهاية: للعلامة أبي الفضل ولى الدين البصير، بتحقيق مجموعة من أساتذة الأزهر الشريف، ومراجعة محمد محي الدين عبد الحميد، طبع المكتبة التجارية الكبرى في القاهرة.

3 - المجموع للإمام النووي رحمه الله تعالى، وتكملته، نشر زكريا علي يوسف.

4 - مغني المحتاج: للخطيب الشربيني رحمه الله تعالى، شرح المنهاج للنووي رحمه الله تعالى، طبعة مصطفى البابي الحلبي، (1352 هـ - 1933 م).

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطحاوي والنووي يقران بأن المصر علي الكبيرة ومات مصرا عليها سيدخل الجنة وخالفا كتاب الله

 الطحاوي والنووي يقران بأن المصر علي الكبيرة ومات مصرا عليها سيدخل الجنة وخالفا كتاب الله {تعرف علي المهزلة العقائدية}   الطحاااااااااوي...